أنا اسمي لينا , طالبة سنة رابعة في واحدة من ما كانت من أحسن جامعات بلدي .

عندي حبيب , عندي أصدقاء , عندي صديقات عزيزات , عندي أهل , عندي ثقافة وعلم , معي فلوس , ملتزمة , ومطلعه على ما يدور حولي من كافة الشؤون الحياتية بكافة مصطلحاتها , وبنفس الوقت بحب الفرفشة والترويح عن النفس .

بس أكتشفت إنو بهاي السنة كل يلي معي من مال وعلم ومظهر لا يكفي , وأكتشفت هالشي بسبب تغيرات لم تكن بالأهمية يلي تاخد وترتقي لهذا المستوى بمعنى أصح .

الكل بعرف الفيس بوك ,, لأ بجد الكل بعرف الفيس بوك ,, الكل عنده أكاونت على الفيس بوك ,, ولسبب ما ما شدني بالكمية المطلوبه يلي شد غيري إلو .

أهلي , حبيبي , صاحباتي , جيراني , وكل أهل مدينتي يعشقونه ,, وأغلب الكلام في القعدات عن ما يدور في حدود صفحاته ولايكاته وتشيره كما أسمع .

وفي أول هاي السنة , المشرفين على الموقع وجدوا إنو مدينتي ودولتي تحمل أكبر عدد مشتركين وبشكل صارخ تقارب ما تصل إليه بعض نتائج الإنتخابات لبعض الدول .

الأمر الذي أدخل دولتي في موسوعة جينيس للأرقام العالمية , وكانت التتويج بحفل في أحد الأماكن الأكثر تراثية (لتشجيع السياحة كمان على ما أعتقد) وحضر هاد الحفل عدد مهول من الفنانين وعدد أكبر من الشعب ليكون بذلك عرساً وطنياً رفعت فيه الأعلام ولافتات تفيد بوحدة الشعب تحت راية مايعرف بفيس بوك دوت كوم .

وحضر بدعوة من زعيم دولتي المشرفين على الموقع وأصحابة والممولين وصاحب فكرة الموقع إلى جانب مفوضين من موسوعة جينيس , وخلال الحفل تقدم زعيم دولتي بالحمد والثناء ومن ثم تبعه بإفتخاره بهذه الفسيفساء من الشعب التي وضعت بصمتها في خارطة العالم , وتكريما لمن كان ضلعاً بذلك تم تسليم مفتاح عاصمتي لصاحب فكرة الموقع وإعلان تغيير اسم العاصمة إلى (فيسبوكيان) لتزغرد الأمهات وتفيض عيون الصبايا بالفخر والفرح , ويعلن الشباب عن فرحهم بما تم منحهم بهذه النعمة .

كنت بقلب في التلفزيون يلي تم أغلاق أغلب قنواته التي تم تحويلها لبث على شبكة الإنترنت ووجدت البث المباشر , وحين تم هذا الأعلان بجد إنصدمت وما عرفت شو أحكي أو شو أعبر, حاولت ما أهتم كتير وبلحظات حبيبي رن على موبايلي رديت عليه ولقيته بصرخ وأصوات زمامير سيارات وهتافات لدرجة حسيت كل البلد موجوده خارج منازلها وما ضل غيري في بيته, كان عم بحكيلي عن شو صار وبصرخ فرحة و ..... أنقطع الإتصال .

تاني يوم الصبح لقيت الجامعة تزخر بالعلمين علم دولتي وعلم فيس بوك (خلفية زرقاء مع الاسم بالأبيض) , بقرأ الجريدة يلي كان جواتها بوستر كبير لنفس علم الموقع .. بالبنط العريض في الصفحات الأولى ,,

,, بلحظة راح بالي لكأس العالم ,, لكن تيشيرت زعيم دولتي وضح الفكرة (وأعتقد عارفين شو رح يكون التيشيرت .. أبيض ومكتوب عليه وي وبين المستطيل إبهام ومكتوب فيه لايك ويتبعه فيسبوك).

ومع مرور اليوم حسيت الأشياء عم تندفع بصورة تساقط حر ,, مهرجانات ,, أغاني ,, أعلام ,, رسومات على الأوجه ,, تيشيرتات ,, محاضرات تتمحور عن هذا الأعلان .

تركت كل شي وأتصلت على الأصدقاء لنجتمع ,, أحد المكالمات كانت ( يوووه ما أقدمك لسا بتستخدمي التلفون للإتصال ,, وك حاكينا على الفيس) .. ويتبع هذه المكالمة بعد نفيي لإمتلاكي أي حساب على "الفيس" تنهيدات وشفقة وكلمة (يييييي) .

اجتمعنا وكان الحوار بالطبع كما أعتقد إنكم استنتجتوا عن شو صار إمبارح وشو اليوم الصبح كتبت عنا صحيفة التلجرام الأنجليزية الإلكترونية .. وحكت عنا ال سي إن إن الأمريكية في بثها الصحافي على صفحتهم وباقي المواقع ,, لدرجة إنو البعض حس بالغيرة وطالبت بعض الشعوب إعادة إحصاء عدد المشتركين وإنو مش ممكن دولة من عالم ثالث هيه يلي تفوز بهاد اللقب ,, وتوعدت بعض الدول بالسعي لكسر الرقم ,, وتبعها ضحكات من الأصدقاء .. إنهم مغيورين ,, وتبادر لذهن تنتين من صاحباتي أغنية "كايدة العذال أنا من يومي" وتطلعوا البنتين في بعض ((المفروض في هيك موقف يضحكوا لتوارد الأفكار)) ولكن بينت على وجههم نظرة النزال في المعركة .. وأستلت كل من الفتاتين سلاحهما قصدي موبايلهما وبسرعة البرق بلشت الطباعة في سباق لنشر ما قيل عن الغيرة من الشعوب الأخرى وبالطبع تحميل أغنية كايدة العذال من يومك يا (فيسبوكيان) وأحتدم الصراع لدرجة أنو البنتين تبادلوا نظرات حارقة ,, لتهزم من تحمل الجهاز الأسرع والإشتراك الجولدن لسرعة الإتصال بالشبكة العنكبوتية .. وتسقط الثانية في شباك الوايرليس المتأرجحة ,, وقاموا "الصديقتين" في اتجاهين مختلفين دون """أن تنبس ببنت شفة""" (أعجبني التشبيه .. مقتبسة الطريقة من كتاب حارس المدينة الضائعة .. لن أطيل) .. وبلش الحوار يخف لأن الكل مشغول في موبايله أو كمبيوتره على حسابه الخاص .

نسيت الكل وكنت بحكي مع حبيبي وبحاول أفتح معه حوار .. وهوه بيتطلع برات الشاشة يحكيلي كلمة ويرجع يدفس راسه بين الكتب .. قصدي بين صفحات الموقع ما غيره .

سألته (ممكن تنتبهلي شوي؟؟) جاوبني (يا الله إنتو البنات وقصصكم .. عم بسمعك عم بسمعك .. زكرتيني بالنكته يلي كتبوها في صفحة نكت في نكت عالفيس عن البنات متى بيطلع على بالها الحكي ..) صار يضحك وباقي المجموعة تطلعت عليه وتزكرت وصار تضحك وأنا مش فاهمه شي وتبادلوا أطراف النكته وأنا زي الغبية سألته (بالله جد إحكيلياها ما عمري سمعتها) صفن فيي بكل استغراب كأني سألته شو معنى كلمة "مرحبا" وحرك عينيه في راسه وضحكلي ضحكة استخفاف , رن موبايله إنو وصله شي وانتبه بسرعه وبلش يقرأ بإهتمام .

حكيت كلمتين عن شو بدي أعمل اليوم .. ما لقيت رد أو أهتمام .. وكأن الكل جواته عم بحكي ""متى هالبنت بدها توقف حكي"" , واستنيت للحظة يلي يتأكدلي فيها إنهم مش رح يحسوا عليي إذا قمت .. مسكت موبايلي .. نبشت فيه عن صور قديمه ,, عن مسجات قديمة .. قرأتها ولسبب ما مالقيتلهم معنى .. تطلعت حواليي .. وبكل هدوء قمت من عندهم . 

يتبع ..