فالحال لدينا مشتت يحكم فيه الجلاد القاضي ,, ويفرض عليه سلطة الحكم ولهجتها أياً كانت شدتها وغلظتها ,, أو بتهاونها أمام أصحاب القرار المتفانين في حب المصالح الفئوية والمتجمهرين أمام غزوهم المفرط على أي شرارة امل قد تصدح في نواحي ما تبقى من أشلائنا التي بعثرها زمن شاب في نزع كل ما هو يتعلق بالحياة من أي صلة كانت .

بلادنا أكبادنا ,, جفت من تجرع خمور الغرب وسلطتهم المسماة بكل أسماء التي لم ينزل بها الرأف من سلطان ,, فكل قرار دولي ليس إلا غرزة في خاصرة كياننا وأحلام الحرية فينا ,, وما هي الآن إلا سلعة تباع لمن يدفع السعر الأعلى لفئات الدم المدرجة تحت قوائم المطلوبين والمنكر وجودهم لغايات في خواطرهم ,, ترائت لهم الحياة بأنها أشرق وأكثر خضرة في الجانب الآخر بدونهم .

يا سيدي أنا لست ممن تفتح الأبواب على أشرعها لرؤيتهم ,, ولا تفغر الأفواه لشدة الأعجاب وتصاعدي على رتب الأكثر فحشاً بالثراء,, لم أحمل يوماً رقماً مميزاً موشح باللون الأحمر بجانبه أو باللون الماسي كوصف له ,, بل أعطيت رقماً للإعاشة أعول به إثنا وعشرين دولة وربما ستة وعشرين أو ثمانية وأربعين وربما ستين جثتاً أغافل دود الأرض عن تناهش لحمها المقدد من ظلم التصنيفات ,, ولكن الوحوش تهبش فيها بحسيب ورقيب يجلسون على آبار من ذهب أسود لم يكن يوماً سوى من جثث تحللت كما تتحلل الأرض من تحت أقدامنا .

يضحك الأسياد وتبكي الأرامل والأطفال ,, ويغني المسنون أغاني حصد خيباتهم وينشرونها على سعف نخيل أغتصب الحقد أطرافه وبيع بأرخص الأثمان كما بيع الجمل بدينارين ليشترى القط بمائتين .

فاتنا القطار وتهنا في بحر الفهم وسُؤلنا آلاف المرات من نحن ,, ووصفت مطالباتنا بالإنسياق كأغنام تقاد بتعاليم كلاب الراعي ,, من نحن ومن أنتم ,, من أنتم ؟؟ ومن نحن ,, وبعد إختلاط الدماء في المحيطات والبحار وتفكيك مركباتها تحولت لماء سائغ ,, وخلع الظفر من أواسط لحمه ,, وأجريت عملية تجميلية لزرع أدمغة وأوجه جديدة لتتناسق مع قرى العالم الحديثة التي ربطت بأوهن من خيوط العنكبوت وفاقتها خفاءاً وحملت في أشباكها ضحايا العزلة والفرقة التي سادوا في حضرتها .

لا بد من التفكير الجاد النهائي والفعال ,, لا بد من أتخاذ الخيار ,, ولا بد من التآمر الذي لا بد من تفعيله كصفة بشرية ,, لا بد من الثورة ولا بد من الغوص في الإحجام عن معرفة مطالب الغايات والوجود الغوغائي لمشردي هوامش صفحات البلاد ,, لا بد من سد الحلوق الفارغة من أي شبع منذ آلاف السنين ,, لا بد من تقسيم الفئات وترقيمهم وتسميم أفكارهم وحضهم على تشاطر أقطاب عنف أشعث بيزنطي بلاشرعية ولا دستورية ولا تواجدية

التعمق في الحياة والوجود ليس إلا ضرب من الشر والخزي والعار المثقل بالنكد النزق اللامتناهي والمتفرع عن الجهل الأعظم بكل ما هو مخفي وغير مرئي عن العيون ,, ولا بد من الكف عنه ,, فهو لا يقاس كما هو جمال المرأة العربية ,, التي تسرق بأنوثة سحر حور عيونها كل أبعاد الحياة المرئية .

وفي ظل هذا الكون اللامتناهي والمعلب مع سردين زخمها ,, تكون البلغمية الكارهة لأي نوع من الزرقة المتعفنة في أحلامها بوهم مصباح المارد الأعظم المستجيب لكل أحلام الطفولة المغيبة في دفاتر علوم الروتينية البحتة والتي تحنو بهم إلى مصافي البيروقراطية الفذة المستفزة لأي طبيعة بشرية وجدت وكأنها حكة في وسط الضهر تزعزع صاحبها وتأرق مضجعه وتشتت تفكيره عما يدور حوله ,, فلا هم له ولا شاغل إلا بالإنسياق وراء الشهوات المتقشرة عن حربائية الديمقراطيات المموضة والمتنازع على ملكيتها في ساحات الإعدام بعد إمتصاص ما بقي من غضبها .